❗️sadawilaya❗
كتب الاعلامي ركان الحرفوش
ليس أبشع من وجهٍ مشوّه بالخطايا إلا عقلٌ ملوّث بالغرور، ولا أفظع من قبحٍ يسكن الملامح سوى ذاك الذي يسكن القرار. فحين يتسلّق إلى سدّة الحكم رجلٌ قبيح في أخلاقه، فقير في عقله، يظن أن السلطة مرآة ذاته، لا وسيلة لخدمة الناس، عندها تتحوّل الدولة إلى ظلٍّ لظلمٍ، ويتحوّل المجتمع إلى صدى لصوتٍ واحدٍ أجوف.
القائد القبيح لا يرى في المرآة شعبه، بل يرى وجهًا يطلب التقديس، فيطعم الجماهير بالشعارات بدل الخبز، ويغمرهم بضجيج القوة بدل عدل الكلمة. هو لا يصنع قراراته بعقلٍ متزن، بل بانفعالٍ يطارد وهم السيطرة. قراراته، وإن بدت قوية، تولد ميتة، لأنها خرجت من رحمٍ معطوب بالأنانية.
إن القبح الأخلاقي عدوى، ينساب في المفاصل الخفية للمجتمع. يعلّم الموظف أن الفساد حيلة، ويقنع المواطن أن الصمت نجاة، ويجعل من الخضوع فضيلة. وهكذا ينحني الجميع، لا احترامًا، بل خوفًا، حتى تغدو المروءة عملةً منقرضة، والصدق تهمةً تُدان بها القلوب النقية.
القائد القبيح لا يُخطئ في تقدير المواقف فحسب، بل يُخطئ في فهم الإنسان ذاته. يرى الناس أرقامًا في ميزان سلطته، لا أرواحًا لها حقٌّ في الكرامة. لذلك تفقد الدولة روحها، لأن الروح لا تسكن في القوانين وحدها، بل في العدل الذي يضخّ الحياة في تلك القوانين.
وحين يعتاد الناس هذا القبح، يصبح الجمال جريمة، والفكر تهمة، والحقيقة تمردًا. عندها لا يُصلح البلاد إلا قائد جميل القلب، عاقل البصيرة، يجلس على الكرسي ليخدم لا ليُعبَد، ويقيس قراراته بميزان الضمير قبل أن يوقّعها بيده.
فالجمال الذي ينقذ الأمم ليس في ملامح الوجوه، بل في نقاء العقول وعدالة القلوب.
والقبح الذي يهلكها ليس في تجاعيد الزمن، بل في فساد البصيرة حين تضلّ الطريق بين الحق والهوى.